رواية روعة
كل هذا الڠضب فى لحظة وهو ينظر الى ايلينا التى تتلوى فى ألم ليحتل القلق كل ذرة من كيانه وهو يحملها وېصرخ بكل من فى المشفى باحثا عن طبيب ...
تذكرت كيف وضعها على سرير الفحص وهى غائبة بألمها عن الوعى تقريبا وكيف قبل أناملها فى رقة بالغة وهو يمسح على رأسها ليطبع على جبينها قبلة أكثر رقة ويهمس فى قلق
نعم سمعته يناديها حبيبتي خرجت منه دون وعي أو ترتيب خرجت من رجل يرى حبيبته تتألم فلم يعد لحسابات العقل والمنطق أي وجود حينها.
تأملت الجميع الذين أتو مهرولين خلفهم باحثة عن لقاء يجمعها بنظرات زين مجددا بعد لقاء قصير غاضب زهد بعده عن النظر اليها تماما ..
فقدت الأمل في التفاته لها فانتقلت بنظراتها الى ايتن التي كانت تعبث فى هاتفها كالعادة وكأنها تراسل شخصا ما بينما يتابعها حسام من بعيد ...كعادته لا يرى فى الوجود غيرها فى أي مكان تكون فيه أيا كانت الظروف ...مسكين هذا الشاب أي قدر تعس ألقى بحبه الى مصير مظلم كمصيره مع أيتن ..
وقفت أمامه وتظاهرت بالاحباط قائلة
أنا قلقانة اوى يا يوسف ...كدة مش هنقدر نسافر
نظر لها في اهتمام وسألها في ترقب
تسافرو ..مين اللى هيسافر
انا وايليناوعلي ..هيا كانت هتقولك بس للأسف تعبت
أشاح بوجهه للحظات عاد بعدها يسألها مجددا في حذر
هزت رأسها نافية في قوة أرادت بها التلاعب بأعصابه
لا مسافرين على طول ..راجعين باريس تانى
رفع حاجبيه في دهشة واختطف نظرة سريعة الى حجرة الكشف حيث ترقد ايلينا قبل أن يتحرك حاجبيه لينعقدا في ڠضب
ازاي بقا ان شاء الله ..الهانم ناسية أنها متجوزة
تنحنحت صوفيا متظاهرة بالارتباك
مال اليها في دهشة وتمتم متسائلا في تلعثم
ننفصل
ازدرد لعابه بصعوبة وصدى الكلمة يتردد في داخله...لم يكن يعلم أنها ستكون مفزعة الى هذا الحد ...انفصال!! ...فراق بلاعودة!!! ...كل المرادفات مرهقة پألم يتذوقه لأول مرة ...تمالك نفسه وأحكم على نبرته المتلعثمة بأقوى تماسك امتلكه ليخبرها في حزم
ابتسمت وهي تعقد ذراعيها وقد قررت أن تسلك معه الطريق المستقيم دون أي مرواغة فقد حصلت على ماتريد وأكثر ..قلقه وارتباكه اجابة أكثر من نموذجية ..لم تعد بعدها بحاجة الى أي تعبير ينفي أو يثبت
انت مش عايز تطلقها يا يوسف ..مش عايزها تسافر وأضافت وهي تميل اليه
بتحبها يا يوسف
اتسعت عيناه في دهشة من جرأتها ..أذهله أكثر قدرة فتاة في مثل عمرها الصغير على مواجهته ليقف أمامها كطفل نسي أداء واجبه الدراسي ويبحث عن حجة يسقها لمعلمه ..لم يجد سبيلا للفرار سوى أن أعطاها ظهره حتى لا تلحظ انفعاله الواضح ...
وقفت أمامه مجددا حتى لا تعطه فرصة للهروب وقالت
ليه عمرك ما حسستها بده ...ليه مورتهاش أن وجودها فارق معاك ..ايلينا قررت تسافر وتبعد عشان مستحملتش أنها تكمل معاك فى جوازة حاسة أنها بتفرضها عليك عشان شفقة أو شهامة منك
أطرق أرضا لتستطرد بعد أن تنهدت في عمق
ايلينا بتحبك يا يوسف
رفع رأسه اليها واتسعت عيناه حتى كادت أهدابه تلامس مقدمة شعره ...
تفتحت كل حواسه وكأنه يطلب منها أن تؤكد له مرارا وتكرارا ما قالته وتعيده على مسامعه ما استطاعت فواصلت في جدية تبدو غريبة على انطباع الجميع عنها
اللى بيحب حد مش بيقبل منه مشاعر أقل من مشاعره ...هيا مش قادرة تستحمل احساسها انك مبتحبهاش ...من الأول يا يوسف وانت بتحاربها ...من الاول وأنت محسسها أنها مفروضة عليك ..استحملت فى الأول ..بس بعد ما حبتك مبقاش ينفع
لاذ بالصمت وتستر بالسكون عله يعيد ترتيب أفكاره مجددا بعد أن أصبح لديه الدليل أنها أيضا تحبه
تراجعت صوفيا خطوتين قائلة
انا كدة عملت اللى عليا
وأشارت الى باب الغرفة برأسها لتردف
ايلينا جوة يا يوسف لو عايزها اتمسك بيها ولو مجرد شفقة أو شهامة منك يبقى تسيبها تمشي ...ايلينا أقوى بكتير من أنها تكون محتاجة لحد
وتركته ينظر الى الباب حيث أشارت وهو يبتلع غصة مؤلمة فى حلقه ..تحبه !!! ...
ترحل !!! ...
الى أين !!! هل أصبحت حياته تحتمل من دونها
لم يعد هناك مجال للشك أبدا ...هي أصبحت جزء من حياته بل من روحه وكيانه استقرت مشاعره أخيرا وتوقف عن المقاومة وظهرت كل الحقائق المبهمة أمامه... هو يحبها بل تجاوز الحب بمراحل الى مشاعر عاجز ان يجد لها مسما يليق بها ..
مشاعر كادت أن تجعله يفتك برجل دون حتى أن يسمع منه لمجرد رؤيته يحملها ...بل يكاد أن يفتك بأخيه حين يشعر براحتها بالحديث معه وهو يعلم علم اليقين ان لاشىء من الممكن أن يجمعهما هو يشعر أنها له فقط ليس من حق أي كائن حى ان ينظر حتى الى ملامح وجهها ..هو يحبها ويريدها ولا يريد أن تفرق بينهما من الان لحظة واحدة يريد ان يأخذها الى صدره من الان فصاعدا بل أن يحبسها بداخله تحت ضلوعه فلا تملك حق الفرار منه ابدا ..
فتحت عينيها فى تعب فقد نامت بعد أن تم حقنها بالعديد من المهدئات عبر هذا المحلول الذى يتسرب الى وريدها معاناتها مع المغص الكلوي لم تنتهى بعد فقد اخبرها الطبيب اثناء فحصه لها بالسونار ان هناك حصوة جديدة فى طريقها للتكون بعد أن انتهت مؤخرا من تفتيت حصوة قديمة تحسست جانبها فى تعب وهمت لتنهض فتفاجئت بأنامل تلامس يدها وتساعدها على الجلوس كتمت شهقتها وهي تشعر بيده تلامس ظهرها لتساعدها على الاعتدال أبعدت يدها عن يده فى توتر وهو يقترب منها قائلا فى حنان
حمد لله ع السلامة
اومأت برأسها تتمتم في ارتباك جلي
الله يسلمك
جلس على كرسى قريب منها يسألها في اهتمام
بقيتي أحسن دلوقتى
ردت دون أن تنظر الى عينيه
الحمد لله
تأملها للحظات قبل أن يميل اليها يسألها في عتاب
ايه الكلام اللى صوفيا بتقوله ده ..انتى فعلا عاوزة تسافرى
تنهدت فى حزن تجيبه بما يؤلمها البوح به
ايوة ..مبقاش فيه حاجة أفضل عشانها ..بابا وخلاص راح
ربت على كفها قائلا في رفق
وأنا يا ايلينا
سحبت كفها من تحت يده تتجنب تأثيره المرهق على مشاعرها
احنا اتفقنا على الانفصال يا يوسف وانت بنفسك اللى طلبت ده ..بلاش نضحك على بعض ..لولا تعب بابا مكنش زمانك رجعت فى قراراك
عاد يحتوى كفها بين كفيه ويضغطهما بقوة لينفي ما قالته بسؤال حمل من ذعره لفقدانها الكثير
انتى بجد عاوزة تسافرى وتسيبيني
لم تحاول أن تحرر كفها من يده هذه المرة ...قوة غريبة منعتها...قوة ناعمة دافئة تشعر بها تحت أنامله قوةسمحت لضعفها أن يظهر أمامه وهي تترك لدمعة فرصة في أن تسيل على وجنتها قائلة
يوسف لو سمحت
رفع ذقنها بسبابته ومسح دمعتها بابهامه بينما ظل محتفظا بكفها في يده الأخرى قائلا
انا آسف يا ايلينا آسف على كل حاجة قولتها وكل حاجة كان المفروض أقولها ومقولتهاش ..آسف على كل مرة جرحتك فيها وحاولت أبعدك ..أنا محتاجلك يا ايلينا أرجوكى متبعديش عنى
رفعت نظرها اليه بعينين دامعتين كأنها تتبين صدقه فواصل في رقة
بابا حكالي على كل حاجة ..حكالي اد ايه انتى استحملتينى وليه عملتى ده كله عشاني
نهض من مكانه وأفلت كفها لينظر الى الأعلى قائلا وكأنه يعلن اعتراف
ايلينا أنا فعلا اتغيرت ..انتي غيرتيني ..بلاش تسيبي ايدي في نص الطريق ..كمليه معايا للآخر أرجوكي ..مش عاوز أتوه تاني من غيرك
تنهد مطولا وهو يتأملها مجددا ليقول في حنان
خدي وقتك وفكري المرة دي مفيش حد هيبقا مرغم على حاجة ..أنا بختارك ..بختار وجودك وقربك وعاوزك انتي كمان تختارينى بعقلك وقناعتك مش عاوزك تضغطي على نفسك ابدا ..خدي وقتك أنا هستناكي واقترب ليقبل أناملها فى حب واضح قبل أن يذهب ليجلس على أريكة جلدية فى احدى زوايا الغرفة وهو يخلع سترته قائلا
الدكتور قال محتاجة تبقي تحت الملاحظة لبكرة الصبح ..فاستحملي وجودي معلش ..تصبحي على كل حاجة جميلة
وقبل ان ترد كان قد أغمض عينيه كأنه يفرض واقع وجوده عليها غير عابىء برفضها اياه من عدمه ...
شبح ابتسامة لاح على ثغرها وهي تفكر في كل ما أخبرها بها ولكن بعضا من الغيظ شاب سعادتها بشوائبه المقيته ليعكر صفوها فأهم شىء لم يخبرها به لم يخبرها ان كان يحبها أم مجرد احتياج فقط لقد قرأت حبه فى عينيه ولكنها كأي انثى تريد أن تسمع وتسمع ما يكفيها من كلمات العشق بكل لغات ومفردات العالم تريد ان تشعر بلمعان عينيه وارتجاف شفتيه وهو ينطقها ..تتمنى أن تعرف كيف سيستقبل قلبها اعترافه ..هل سيستقبله بدقات مماثلة لتلك الدقات التي تشعر بها دوما حين تراه ..أم أنه سينبض بطريقة أخرى تعبر عن سعادته وهيامه لاتريد ان تسلمه حياتها من قبل ان تسمعها صريحة وهي بالطبع لن تتسولها منه ولن تكون هى البادئة الا بعد أن ينطق هو أولا فلن تحتمل ذرة شك واحدة في مشاعره نحوها وقد أدرك هذا بالفعل بمجرد أن اغمض عينيه متظاهرا بالنوم ..شعر بالحنق على ذاته وأخذ يردد فى نفسه
غبي
لماذا لم يخبرها بأهم مافي الأمر لماذا ضن عليها بتلك الكلمة .. هؤلاء النساء لايعترفن الا بسواها عقلهن يلغي أي جملة لاتحتويها تلك الكلمة لماذا بخل عليها بها... أليست هذه الحقيقة...
ألم يحبها وكانت هي أول انثى يدق قلبه لها پعنف... ألم يكد ان ېقتل هذا الشاب الذى كان يحملها و... فتح عينيه من جديد ونظر لها وبيد انها انتفضت من حركته المفاجئة فوضعت يدها على صدرها وهو يسألها مباشرة
ايلينا ..ليه مكلمتنيش عن ريان
وفي الخارج نظر محمود الى سميرة التى جلست الى جواره قائلا
صوفيا اتأخرت اوى تحت يا سميرة
نظرت الى ولدها زين الذى بدا عليه التوتر بدوره وقالت وهى تلوي