رواية روعة
وحده كفاية ..كفاية لحياة زوجية ناجحة
قطب جبينه فى حيرة
مش فاهمك
تحركت قليلا في المكان وهي تواصل
يوسف أنا وأنت غير بعض في كل حاجة ...أنت ماشى فى طريق وأنا ماشية فى طريق عكسه ازاي هنقدر نتقابل
اقترب ليحتوى كفها بين كفيه
ايلينا احنا فعلا اتقابلنا فى نقطة ودلوقتي ماشيين في نفس الطريق ..انتي ليه مش قادرة تصدقي اني فعلا اتغيرت
مش بالكلام يا يوسف ..عاوزة أحس فعلا انك اتغيرت بجد ومش عشاني عشان أنت غلط ولازم تتغير للصح
أشاح بوجهه فلم يعد يعرف ماذا بامكانه فعله ليرضيها بالضبط ...
احتوت هي كفيه هذه المرة وهي تخبره مقصدها في حنان
أنا مش عاوزاك تتغير كام يوم وبعد كدة ترجع للي كنت فيه
وأنا اثبتلك ده ازاى ...خلاص شرب وبطلت وكل البنات اللى كان ليا علاقة بيهم قطعتها ..أعمل ايه تاني
ابتسمت للحظات عادت بعدها تردف في ترقب
عاوزة أحس ان ده مش طبعك وأن زى عم محمود ما قال مريت بتجربة صعبة غيرت من حكمك على الأمور احكيلي يا يوسف وافتحلي قلبك ...
يوسف انت محتاج تتكلم وأنا محتاجة أسمعك
تنهد في حړقة وهو يطرد تلك الذكرى اللعېنة عن رأسه ..فرك جبينه بكفه قبل أن يطلب منها في رجاء
مش هقدر اتكلم يا ايلينا ..مش عشان مش عاوز ...بس الموضوع ميخصنيش لوحدي
مش فاهماك ..ممكن تحكي من غير ...
قاطعها هذه المرة وهو يضمها اليه بقوة وكأنه يستغيث بأحضانها من هواجسه وأشباح ماضيه...
وكأنه يخدر روحه بضمتها هذه عن ألمه الذي لا يحتمل لايريد أن تكون هي من تضغط على جرحه فالألم بيديها يصبح مضاعف ..
تحشرج صوته كثيرا وهو يهمس في توسل
قاومت ارتجافها وهو يضمها اليه للمرة الأولى نسيت خجلها ولم تشعر سوى بهذا الألم الذى استشعرته من نبرات صوته وارتجاف جسده كان يتشبث بها كطفل تائه وجد أمه بعد سنوات من التخبط والضياع وبعد مالاقاه من قسۏة البشر ..يتمنى الاختفاء فى حنانها حتى يتلاشى تماما ... كانت تشعر بدموعه التى اختلطت بحبات عرقه على شعرها الذى ډفن رأسه فيه فمدت يدها لتربت على كتفه قائلة
شدد من ضمته لها وقال فى ألم شابه رجاء
توعديني اني عمرك ما هتبعدى عني
همست في نعومة
لو وعدتنى ان عمرك ما هتجرحني
رفع رأسه من على كتفها لينظر الى عينيها بينما كفيه لازالا يحيطا بخصرها ونطقا الاثنان فى نفس اللحظة
اوعدك
ابتسم واقترب ليضمها من جديد فابتعدت وهى تبعد كفيه عن خصرها قائلة
أنت ما هتصدق ولا ايه
ابتعد وهو يعود الى مرحه ودعابته قائلا
طيب اذا كان كدة تبقى تدخلى تلبسى حجابك عشان هنتغدى سوا برة
واضاف وهو يغمز بعينه
والفرح كبيرنا اسبوع ولا اتنين وهيتعمل والا قسما بالله كلمة زيادة لارجع اعمل اللى كنت بعمله والمرة دى بجد
ابتسمت وهزت كتفيها فى خجل فاقترب بسرعة وطبع قبلة سريعة على وجنتها فلكزته فى كتفه برفق ليهمس فى أذنها
هستناكى برة
راقبته وهو يخرج وتحسست يدها موضع شفتيه على وجنتها وابتسمت فى سعادة وهى تدور حول نفسها لقد انتزعت اعترافه اخيرا بعد كل هذه المعاناة .. فغريب هذا الحب الذى يجعلنا نعيش كل المشاعر وتناقضاتها فى آن واحد .
جلست صوفيا على حافة حوض الزهور الذى يرعاه ...تأملت تلك الزهرة البيضاء بمنتصفه في حزن .. تبدو مثلها تماما ...وحيدة منبوذة من كل الزهرات لقد جرحها وكان جرحه اكثر ايلاما من أي ۏجع عاشته من قبل لقد حكم مثل الأخرين تماما لقد نبذها مثلما نبذت من قبل عائلتها لقد اتهمها دون ان يسمعها هل اخطأت حين ظنت انه ربما يحمل لها مشاعر هل عاشت هذا الوهم وحدها هل فرضت نفسها عليه فأراد ان يبعدها بأي طريقة هل كانت ايلينا على حق حين اخبرتها انهما مختلفان فى كل شىء ورغم ذلك القت بكل هواجسها جانبا واندفعت تحبه بكل طاقة تملكها مشاعرها كان من الأجدر ان تفر من البداية قبل ان يصل الامر بها الى تلك النهاية ...مڼهارة... وحيدة... منبوذه كالعادة تعيش حزنها وتحاول مداواة المها پألم جديد تعرف انه ...
سمتها صوفيا
انتفضت على صوته فالتفتت اليه ليواصل
جمالها مينفعش يشيل اسم تانى غير كدة
رفعت نظرها اليه بعينين دامعتين ليلعن نفسه اكثر وقبل ان يقترب خطوة نهضت في عڼف قائلة
بعد اذنك
وقف امامها ليمنعها من الذهاب قائلا في رجاء
صوفيا استنى
واخفض رأسه ليضيف في خجل
انا اسف ..بجد اسف
ردت بنبرة مخټنقة
اكتر كلمة بكرهها فى الوجود ..بنأذى اللى قدامنا ونجرحه ونهينه وبعدين نقول اسف ...المفروض الكلمة دى تريح ضميرك ..طيب هتقدر تمحى اللى انت قولته ..مفتكرش
حاولت ان تتخطاه فأغلق الطريق عليها قائلا
صوفيا من فضلك اسمعينى
نجحت فى تخطيه بالفعل وهي تخبره في حسم
سمعت منك كتير ..بعد اذنك
وركضت فى اتجاه المنزل الصغير الذى تقيم فيه مع ايلينا ولكنه كان أسرع منها... حين حاولت ان تغلق الباب دفعه بيده ودخل خلفها ليغلقه هو فتراجعت صوفيا قائلة
من فضلك ايلينا خرجت مع يوسف وعلى فى مدرسته
عقد ساعديه في اصرار واضح
وانا مش هخرج من هنا غير لما تسامحينى
ابتسمت فى سخرية قائلة
اسامحك على ايه ماكل الكلام اللى قولته صح وجلست على كرسى قريب فى ضعف وهى تواصل
بس المشكلة انه مكانش بايدى ..كان نفسى الاقى حد يربينى وېخاف عليا ..انت اتولدت لقيت ليك اب ام واخوات لقيت حد يعرفك الصح من الغلط
واشارت الى صدرها مواصلة
لكن انا ....انا عشت طول عمرى منبوذة من ناس المفروض انهم اهلى ..انا اتولدت لاب مصرى وام فرنساوية ..بابا كان صاحب عمو سمير ..ولما شاف مونيك اخت جانيت مامة ايلينا حبها او المفروض انه حبها واتجوزها ..بس الحب وحده مكانش كفاية او مكنش موجود من اصله ...اكتشفو بعد كام سنة بعد ما خلفونى انهم بيكرهو بعض ومش قادرين يكملو ..وصل كرهم لابعد حد ...كان كل واحد بيعاقب التانى فيا ...كل واحد كان بيرمينى للتانى ويقوله شيل مسئوليتك مش بنتى لوحدى ...امى كانت بتبص لاسمى تفتكر ابويا وتكرهنى زيادة ..وابويا لما كان بيشوف ملامحى اللى تشبهها كان پيلعن الساعة اللى اتجوز فيها خواجاية بعدته عن اهله ...كل واحد فيهم اتجوز حد شبهه وفضلت انا الحاجة اللى بتفكر كل حد فيهم بغلطه ..رمونى فى مدرسة داخلى عشان يرتاحو منى وهناك مكنتش عارفة انا مين ..نص مصرية ونص فرنساوية ..نص مسلمة ونص مسيحية ..انا ايه بالظبط محدش فكر فيا خالص ..كل اللى كان بينا شوية فلوس ..عمرهم ما قصرو فيها الصراحة ..خالتو جانيت اخدتنى فترة حاولت تعلمنى حاجات كتير عن دينى ولغتى ولما امى لاحظت ده كانت بتحاول تمحيه بكل طريقه ....وفضلت تايهة مش عارفة اعمل ايه ...تعرف يا زين انى عمى ريان عرفته بالصدفة ...كان اخو بابا الصغير وجاى فى بعثة واستقر هناك ..كنت تعبانة فى المستشفى وهوا اللى عالجنى ولما قال لبابا مكلفش خاطره يجى يطمن عليا ...عارف انى قبل ماجى هنا امى طلبت منى اسيب الشقة وارجع اعيش لوحدى تانى عشن ناوية تتجوز واحد غير جوزها اللى سابته ..انا وقتها انهرت وهربت وجيت لايلينا ..عشان انا مليش غيرها يا زين مليش غيرها
ودفنت وجهها بين كفيها تبكى فى حرارة لفحت قلبه وسمرته فى مكانه للحظات وهو يتساءل هل هناك من القسۏة التى من الممكن أن تصل بقلوب البشر الى هذا الحد ...هل يختفى خلف هذا الوجه البرىء والملامح الملائكية كل هذه المعاناة هل اختفت خلف تلك الابتسامة المبهجة ألآم لم يعشها عجوز تخطى المائة الى هذا الحد لم ينتبه الى هذا الشجن الرابض بعينيها وانشغل فقط بسحرهما وبريقهما من هو ليحكم عليها هل عاش ولو ذرة مما عاشته لقد ولد لأب وأم مسلمين ووجد ألف من يعلمه ويوجهه لهويته ودينه وتقاليد مجتمعه ...أما هي فلا ...علام يحاسبها ..على يتم ابويها وهما على قيد الحياة ....أم على نبذها من أقرب الناس اليها دون ذنب ..
أي حب هذا الذى يظن انه يحمله لها ...
كانت تنتفض أمامه من البكاء بعد أن فتح چراحها بچرح جديد .. اقترب منها وجثا على ركبتيه وهو يزيح يدها من على وجهها فى رفق قائلا وهو يمسح دموعها
انا غبي ومتخلف ومتسرع ..قولى كل اللى انتى عاوزاه ....انا مش هقدر اسامح نفسى اصلا فمش هطلب منك تسامحينى تانى ...خدى حقك منى بالطريقة اللى تريحك
رفعت رأسها تخبره بين نشيجها
زين انا مش متضايقة من اللى اتقال ...انا سمعته بدل المرة الف انا متضايقة انه خرج منك انت ...انت بالذت افتكرت انك مش هتشوفنى زيهم
نهض فنهضت بدورها امامه ليسألها في خبث
انا بالذات ...يعنى انا مختلف بالنسبالك صوفيا عن اى حد
رمشت بأهدابها عدة مرات لتخفي عينيها الساحرتين عنه قبل ان تخفض رأسها فى خجل لتبتعد عن مواجهته قائلة
انا طول عمرى تايهة ومش لاقية مكان ولا بر ارسى واستقر عليه بس لما شوفتك حسيت انى انى .. وقطعت الحديث بشهقاتها الباكية فابتسم زين وامسك بكتفيها قائلا
مفيش داعى تقولى اى حاجة ..انا اللى هتكلم يا صوفيا ..لو انتى كنتى تايهة فانا كنت عارف كويس اوى انا عايز ايه ومحدد وراسم حياتى بالتفصيل وبالورقة والقلم زى مابيقولو ..لما قابلتك برجلتيلى كل حاجة ..بقيت حاسس فجأة انى مسئول عنك ..عاوز اهتم بيكى ...اقربلك ..صورتك كانت على طول قدامى فى كل لحظة بتجننى ..قاومت احساسى بيكى بكل الطرق ..بكل الطرق يا صوفيا ...حاولت اقنع نفسى بكل المتناقضات اللى بينا ..بس عقلى عمره ما